هارون أخي

يبحث المؤلف في هذا الكتاب في أصول الشخصيات و يعرض الفروقات فيما بينها , معطياً أهمية و تركيزاً للشخصية الانطوائية , مبيناً الأفكار المغلوطة حولها . وتأثير هذه المغالطات على من يملكون هذه الشخصية

في بداية الكتاب , يتحدث الكاتب عن الانطوائية , و كيف ينظر إليها كمرض يجب علاجه , و يبحث في صحة هذه النظرة من خلال استعراض الصفات التي يتمتع بها الانطوائيون , و يحاول هدم الاعتقادات الخاطئة تجاه هذه الشخصية .
ثم ينتقل ليقارن بين الشخصية الاجتماعية و الانطوائية , مشيراً إلى أننا لا نستطيع العيش في عالم ملئ بالانطوائيين فقط , أو الاجتماعيين فقط , فالحياة تعاون و توازن بين الشخصيتين .
وأخيراً , يستعرض الكاتب الطرق الأفضل و الأنسب للتعامل مع الشخصية الانطوائية كي لا تخسر مزاياها و ثقتها بنفسها , فهي شخصية شائكة , تتطلب التعامل معها بحذر .

إذا كنت من أصحاب الشخصية الانطوائية , اقرأ الكتاب لتفهم نفسك أكثر .
إذا كنت من الشخصيات الاجتماعية , اقرأ الكتاب لتفهم كيف يفكر الانطوائيون .
إذا كنت ضائعاً بين الشخصيتين , فاقرأ الكتاب لتعلم أنك لست وحدك . فأنت تتبع شريحة ليست بالقليلة من الناس , الذين تقع شخصياتهم بين الانطوائية و الاجتماعية . الناس الذين يستطيعون أن يكونوا انطوائيين بإرادتهم , و اجتماعيين متى أرادوا ذلك أيضاً .

أستطيع القول أنني وجدت نفسي و أنا أقرأ هذا الكتاب , و تمنيت أن يقرأه كل من حولي , كل من يعرفني , كل من يهمه أن يفهم و يقدّر طبيعة الشخصيات المختلفة .
أكثر ما أعجبني في الكتاب , هو استمرارية تركيزه على التفريق بين الانطوائية كوضع نختاره بإرادتنا , و الانعزال المرضي الذي لا فائدة منه , فالانطوائي بطبيعته شخص يحب البشر , ولكنه يحب الهدوء و الاختلاء بنفسه أيضاً , ترهقه الاجتماعات الزائدة , و المناسبات الصاخبة , و التواجد الدائم مع من لا يوجد بينه و بينهم ارتباط روحي . الانطوائي شخص طبيعي , ولكنه يحتاج الانعزال ليشحن نفسه و يكون مستعداً لمواجهة يوم آخر من أيام حياته , وهذا ما لا يستطيع جميع البشر فهمه , فتراهم يصفون كل انطوائي بأنه مريض , و معقّد و يحتاج للعلاج فوراً , متناسيين أن العباقرة و المخترعين و العلماء , احتاجو العزلة و الانطوائية في فترات حياتهم ليخرجوا لنا باختراعات جعلت حياتنا أسهل , فهؤلاء العباقرة , اختاروا العزلة على صخب الحياة , لوجود هدف يسعون لتحقيقه , هدف كان لا يمكن أن يتحقق لولا انعزالهم و ابتعادتهم عن هذا الصخب .

اقتسابات أعجبتني :
* عندما لا يبقى أحد تصنع له كوباً من الشاي , عندما لا يبقى أحد بحاجتك , حينها تنتهي الحياة.
عندما يكون الأدب حقيقياً , يتفجر الإبداع المعاناة أن تشعر أنك لا تنتمي لأحد , لا شيء مشترك بينك و بين أقرانك , اهتماماتك مختلفة وما يسعدهم قد يضايقك.
الذين يعلمون كل شيء لا يتحدثون , و أولئك الذين لا يعلمون هم الذين يتحدثون .الاجتماعي جسد , و الانطوائي روح , تعطيل أحدهما يلغي وجود الآخر.
* كن نفسك , فإن العالم يقدر الأصالة .

و أخيراً , إذا أردت تلخيص الكتاب باقتباس واحد , سيكون :
جميعنا يستطيع أن يصبح ما يحب , إن كان يجيد التعامل مع شخصيته .

كتاب رائع جداً , أنصح بقراءته .